بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لمن له الحمد من كل وجه والصلاة والسلام على خير حَمَدَ وحُمِدْ محمد بن عبدالله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اللهم تسليما .. أما بعد :
فيا أمة الإسلام صبرا , ويا ثغور النور مهلا , إن مع العسر يسرا ؛ ما ضاقت إلا لتتسع , وما اشتدت إلا لتنفرج , وما استحكمت إلا لتزول ! ألا تري أن البلاء إذا اشتد زال , وأن الماء إذا بلغ فم السقاء نقص ؛ فأري الله من نفسك خيرا , واذكري قول يعقوب لبنيه ( وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) وقوله تعالى ( حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ) والعجيب لمن تأمل هذه السورة وجدها تعرضت في مواضع عديدة عن الجانب النفسي وجانب النظام والسياسة ؛ فالنصر آت لا محالة ولكنكم تستعجلون كما قال صلى الله عليه وسلم !
** نقطة نظام **
إشارة حمراء ! هل نظرت إليها يوما متأملا ؟!
ما رأيكم لو وضعنا لأنفسنا إشارة واحدة كإشارة المرور ؟! نقف عند الحمراء وهي أمور المعصية والشر , ونسير بلا توقف عند الخضراء وهي أمور الطاعة والخير , ونتمهل عند الصفراء فيما ليس لنا به علم ولم يتبين لنا فيه حكم !!
حينها سنسلم حين يتعثر ويسقط الآخرون على الصراط , كما يسلم صاحب المركبة الذي قَدَّرَ إشارة المرور !
** جزء من مقال **
سأبدأ بطرح تساؤل غريب , [ لكن بما أنكم قرأتم العنوان أود أبيّن أمر أخشى أن يتبادر إلى ذهن أحد منكم ! وهو كثرة الحديث عن الموت .. أنا أعلم أن الحديث عنه مخيف وأن الناس تهرب عما يذكرها بحقيقة قال عنها الحسن البصري رحمه الله : ما رأيت يقيناً لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت – وعن أبي حازم نحوه كما في الحلية – لكن كما يقال ما تَكرّر تَقَرّر ! وليس المراد من هذا إفساد الحياة فالحياة لا تلذ إلا بمحفز ولا أعظم من محفز الموت وراجع مقال ” هل تخاف من الموت إذن تفضل ؟! ” على المدونة ففيه فائدة , تغني عن تكرار الكلام , ما أقصده أن ما أطرحه في هذا الشأن إنما هو للتنبيه إلى الاشتغال بما ينفع في دين أو دنيا ولا خير في دنيا لا تنفع في آخرة ! ]
قلت أني سأبدأ بطرح تساؤل غريب طرحته على نفسي عندما رأيت وأنا أقود سيارتي شمس يوم قد بدت بالمغيب , وذلك بعد وفاة درة العلماء كما يحلو لي أن أسميه الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى: يا ترى ما اليوم الذي ستشرق فيه شمسه ولا ( فلان .. أقصد نفسي .. ) ينادى فيه على وجه الأرض ؟!
تساؤل طُرح بدون أي مقدمات أو تفكير مسبق ! لكنه طُرِح فهل من إجابة ؟!
لم أزد حينها إلا أن استنشقت كمية من الهواء ثم أخرجتها بصوت مسموع ! وكانت هي إجابتي ؟!
ولو أنا طرحنا مثل هذا التساؤل أو سألنا سؤالا أبلغ من هذا وأكثر تأثيرا , قد تتباين فيه الإجابات ! وهو :
لو علمت أنك ستموت في يوم كذا بتاريخ كذا .. ماذا ستفعل ؟!
لوجدنا أن هناك من يقول: سأذهب إلى مكة , ومن يقول: سأكون في المسجد , ومن يقول: سأصلي , ومن يقول سأقرأ القرآن , ومن يقول: سأمرح وألعب وألهو وأتمتع بمتاع الدنيا إلى قبل ذلك اليوم بشهر أو شهرين أو سنة أو سنتين ثم أتوب ! أليس الله يبدل السيئة حسنة لمن تاب , ستبدل كل سيئاتي إلى حسنات وأتعبد الله فيما بقي ؟!!
فيوجد من الناس من منعه خوف الموت الوقوع في المعصية ! وتمنى لو علم ساعة وفاته حتى يعملها , ولا تستبعد فللناس أحوال وعجائب !
ومع هذا فإني أقول لو علم كل إنسان أنه سيموت في يوم كذا بالساعة والدقيقة والثانية , فإنه لن يفيده شيئا ؟!!
والسبب أنه لا يعلم الغيب , فلو علم ساعة وفاته هل يعلم أنه سيبقى إلى أن تحين بكامل صحته وعافيته ؟!
كم من أناس هم في حكم الموتى ولم تحن ساعتهم بعد ! وكم من إنسان مكث في غيبوبة ما شاء الله أن يمكث , تصل في بعض الحالات إلى عشرات السنين ثم بعد ذلك يتوفى !
فهل أيقنتم بأن العلم بساعة الوفاة لا ينفع ؟! وأن من الخطأ أن يؤخر الإنسان توبته إلى أن يبلغ أربعين سنة أو خمسين سنة ! قد تبلغ أكثر من ذلك لكن قد تبلغها وأنت في حكم الأموات , وقد ينتهي بك الأجل على هذا الحال وقد تشفى وما ذلك على الله بعزيز !
لذا من حكمة الله وتعالى ورحمته أن أخفى عنا ساعة الوفاة ليس لأنها تكدر صفو الحياة وإن كانت كذلك , إنما لتمنع بعض الناس من التمادي في غيّه ولهوه ! وليشتغل الناس بما ينفعهم على الحقيقة .
فجل جلاله من حكيم خبير , لطيف بصير , عليم كريم , رحمن رحيم !
اعلم أن رزقك لن يأخذه غيرك , وأن ما كتب لك لن يمنعك منه أحد , وأنك لن تغادر الدنيا إلا وقد استكملت رزقك وانتهى رزقك فيها , فماذا تريد من دار ليس لك فيها رزق ومن عمل ليس لك فيه أجر ! وأن أجلك إذا جاء لا يؤخر , فلمَ الكدر والضيق والحزن ؟!
** نقطة عبور **
تمنى : كلمة التمني تطلق عند إرادة وطلب الشيء المستحيل !